استعادة مؤسسات القوات المسلحة اليمنية: جهود وزارة الدفاع لإعادة التأهيل وبناء القدرات

خاص- مركز الإعلام والتوثيق

منذ انقلابها في العام 2014، شنت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران حملة ممنهجة لتدمير مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، التي تعد صمام أمان النظام الجمهوري وأحد أعمدة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر. استهدفت المليشيا هذه المؤسسة العريقة انتقاماً من دورها التاريخي في الإطاحة بالحكم الإمامي البائد، وتصدرت أجندتها تدمير منشآتها، وتخريب بنيتها، وتشويه عقيدتها الوطنية.

وعملت المليشيا على تسخير القوات المسلحة لخدمة مشروعها السلالي والطائفي، حيث استبدلت العقيدة العسكرية الوطنية بمعتقدات طائفية مستوردة من إيران، وأنشأت تشكيلات ميليشياوية تتبع نموذج حزب الله اللبناني وغيره من الأذرع الإيرانية في المنطقة.

جهود وزارة الدفاع بقيادة الفريق الركن محسن محمد الداعري ركزت على استعادة مؤسسات القوات المسلحة وإعادة تأهيلها في المناطق المحررة، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية العليا والكليات والمعاهد العسكرية.

في مواجهة هذا المخطط التدميري، انطلقت جهود وزارة الدفاع بقيادة الفريق الركن محسن محمد الداعري لاستعادة مؤسسات القوات المسلحة وإعادة تأهيلها في المناطق المحررة، وفي مقدمتها الأكاديمية العسكرية العليا والكليات والمعاهد العسكرية.

 

الأكاديمية العسكرية العليا: عودة التأهيل بعد عقد من التوقف

في 13 ديسمبر 2023، أُعيد افتتاح الأكاديمية العسكرية العليا بعد توقف استمر نحو عشر سنوات بسبب انقلاب ميليشيا الحوثي والحرب. وتضم الأكاديمية ثلاث كليات: كلية الحرب العليا، وكلية الدفاع الوطني، وكلية القيادة والأركان، إضافة إلى مركز الدراسات الاستراتيجية.

وأكد وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري أن إعادة افتتاح الأكاديمية يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز قدرات القوات المسلحة، مشيراً إلى أن التأهيل العلمي العسكري ضرورة وطنية لدعم المسرح العملياتي بالكوادر المدربة والمؤهلة تأهيلاً علمياً.

وفي يونيو 2024، خرجت الأكاديمية دفعات جديدة شملت الدورة السابعة من كلية الحرب العليا، الدورة السادسة من كلية الدفاع الوطني، والدورة السادسة عشرة من كلية القيادة والأركان، بالإضافة إلى دورة تضم دارسين يمنيين سابقين في السودان، الذين عادوا لإكمال دراستهم بعد تعذر ذلك بسبب الحرب. وحصل الخريجون على شهادات الماجستير وألقاب الركن بموجب قرار صادر عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.

تأسست الأكاديمية العسكرية العليا في 2005، وبدأت نواتها بكلية القيادة والأركان التي تأسست في 1985، ثم كلية الحرب العليا وكلية الدفاع الوطني ومركز الدراسات الاستراتيجية. ووفقًا للقانون رقم (35) لعام 2005، تهدف الأكاديمية إلى تأهيل القيادات العسكرية لشغل المناصب المتوسطة والعليا.

 

كلية الطيران: التحليق مجدداً في سماء الحلم

في 9 سبتمبر 2023، دُشن العام الدراسي الجديد في كلية الطيران والدفاع الجوي بمحافظة مأرب، بعد توقف استمر ثماني سنوات. واستقبلت الكلية 1900 طالب من العسكريين والمدنيين، موزعين على مختلف المناطق العسكرية وصنوف القوات المسلحة، مع تخصيص مقاعد لأبناء الشهداء.

وقال رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز خلال التدشين إن استئناف الدراسة في الكلية يمثل إنجازاً نوعياً يعزز من قدرة القوات المسلحة على التصدي للتهديدات التي تواجه البلاد.

تأتي إعادة افتتاح الكلية كجزء من جهود إعادة بناء مؤسسات القوات المسلحة. وأُضيفت تخصصات جديدة تشمل الطيران المسير، الحرب الإلكترونية، والأمن السيبراني، لمواكبة التطورات الحديثة في المجال العسكري.

تُعد كلية الطيران والدفاع الجوي، التي تأسست بموجب قانون الكليات العسكرية لعام 1992، واحدة من أبرز المؤسسات العسكرية في اليمن. وتهدف إلى إعداد ضباط مؤهلين علمياً وعسكرياً لتلبية احتياجات القوات المسلحة، مع التركيز على التقنيات الحديثة وتحليل التجارب العسكرية العالمية.

 

معهد اللغات العسكري.. كوادر مؤهلة بلغات أجنبية عدة

استأنف معهد اللغات العسكري نشاطه بعد سنوات من التوقف، ليعود إلى دوره في تطوير المهارات العلمية لمنتسبي القوات المسلحة. وفي 25 ديسمبر 2023، شهدت الأكاديمية العسكرية العليا في عدن احتفالًا بتكريم المشاركين في الدورة الأولى للغة الإنجليزية.

أكد العميد الركن عبد القوي الزهراني، مدير معهد اللغات العسكري، أن المعهد يعتزم تقديم برامج تدريبية متنوعة تشمل الإنجليزية، الفرنسية، وتكنولوجيا المعلومات. وأشار اللواء الركن أحمد البصر سالم، نائب رئيس هيئة الأركان، إلى أهمية هذه البرامج في تعزيز قدرات الأفراد ومواكبة تحديات العصر.

معهد اللغات العسكري يعود بعد سنوات من التوقف ليكون رافدًا مهمًا في تطوير المهارات العلمية لمنتسبي القوات المسلحة وتخريج كفاءات لغوية بعدة لغات أجنبية.

تخلل الحفل كلمة للخريجين ألقاها الجندي أصيل فضل الهلالي باللغة الإنجليزية، حيث أشاد بالدعم الذي قدمته قيادة وزارة الدفاع لإنجاح الدورة، التي تمثل إضافة نوعية للمشاركين. وقد تم تكريم 30 مشاركًا من وحدات القوات المسلحة، بحضور قيادات عسكرية بارزة.

 

إحياء الموسيقى العسكرية: هوية وطنية متجددة

في أبريل 2024، بدأت قيادة الموسيقى العسكرية تنفيذ توجيهات وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري لتأهيل الكوادر ورفد الفرقة الموسيقية بدماء شابة.

جرى التنسيق مع معهد جميل غانم للفنون الجميلة بعدن لابتعاث 70 طالبًا من أصل 170 متقدمًا لدراسة الموسيقى العسكرية. يشمل التدريب العزف على الآلات النحاسية ودراسة العلوم الموسيقية.

كما ناقش وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني طلب وزارة الدفاع لتطوير الكوادر الموسيقية، مؤكدًا أهمية هذا المشروع في استعادة دور الفرقة الموسيقية العسكرية ضمن فعاليات التوجيه المعنوي والاحتفالات الرسمية.

تأتي الجهود التي بذلتها قيادة وزارة الدفاع، ممثلة بالفريق الركن محسن الداعري لتمكين الموسيقى العسكرية من معاودة عملها، بعد سنوات من إقدام ميليشيا الحوثي الإرهابية على إغلاق معهد الموسيقى العسكرية بصنعاء، وتسريح الفرق ومصادرة مرتبات أعضائها منذ عام 2016.

تعد جهود وزارة الدفاع في إعادة تأهيل القوات المسلحة جزءًا من مسار شامل لاستعادة الجمهورية وحماية مكتسباتها الوطنية في مواجهة ميليشيات الحوثي

وكانت آخر دفعة تخرجت من معهد الموسيقى العسكرية في عام 2009. بعدها، تراجع حضور الفرق الموسيقية العسكرية تدريجيًا حتى توقفها تمامًا خلال الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي.

بمجملها تعكس هذه الإنجازات في ظل تعقيدات اللحظة الوطنية الراهنة، حجم الجهود الوطنية الجبارة لاستعادة دور المؤسسة العسكرية وتأهيل كوادرها بما يواكب تطلعات الشعب اليمني وطموحاته، وبما يؤكد أن القوات المسلحة ماضية بثبات نحو استعادة الجمهورية وحماية مكتسباتها.